شيخة الزين
05-10-2020, 10:37 AM
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
من كتاب: "المنتقى للحديث في رمضان"
قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187].
وعَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتَمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لما نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إلى عِقَالٍ أَسْوَدَ – أَيْ: حَبْلٍ أَسْوَدَ – وَإِلى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُما تَحْتَ وِسَادَتي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ في اللَّيلِ فلا يَسْتَبِينُ لي، فَغَدَوْتُ على رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فذَكَرْتُ له ذَلكَ، فقَالَ: ((إنَّما ذَلكَ سَوادُ اللَّيل وبَيَاضُ النَّهَارِ))؛ متفق عليه[1].
الفوائد والأحكام:
الأول: حِرْصُ الصَّحَابَةِ - رَضيَ الله عَنْهُم - على تَطْبِيقِ الأَوامِرِ الرَّبَّانيَّةِ، والمُبادَرَةِ للعَمَلِ بمَا يتَنَزَّلُ عَلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ القُرآنِ؛ وجَاءَ في بَعْضِ رِواياتِ الحَديثِ أنَّ عَدِيًّا - رضي الله عنه - قَالَ: يا رَسُولَ الله، قَدْ حَفِظْتُ كلَّ شيءٍ أَوْصَيْتَنِي به غَيرَ الخيْطِ الأَبْيَضِ مِنَ الخيْطِ الأَسْوَدِ، إنِّي بِتُّ البَارِحَةَ مَعِي خَيْطَانِ أَنظُرُ إلى هَذَا مَرَّةً وإلى هَذَا مَرَّةً، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقَالَ: ((إنَّما الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخيْطِ الأَسْوَدِ الَّذي في السَّمَاءِ))[2]، وبَلَغَ مِنْ حِرْصِ عَدِيٍّ - رضي الله عنه - وَعِنَايَتِهِ بِهَذَا الأَمْرِ أَنْ جَعَلَ العِقَالَينِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ[3].
الثاني: عَدَمُ تَكَلُّفِ الصَّحَابَةِ - رَضيَ اللهُ عَنْهُم - في السُّؤَالِ، إلا إذَا أَشْكَلَتْ عَلَيهِمُ المسَائِلُ الَّتي تَتَعَلَّقُ بعبَادَتِهِم؛ ولذلِكَ اجْتَهَدُوا في فَهْمِ الآيَةِ القُرْآنِيةِ، فلما أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ ذَلكَ سَألُوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهَكذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ المُسلمُ مُمْتَثِلاً للنُّصُوصِ، غَيْرَ مُتَكَلِّفٍ لِلسُّؤَالِ، وَيَسْألُ عَما أَشْكَلَ عَلَيهِ مما يَتَعلَّقُ بِالعَمَلِ الَّذي يُقرِّبُهُ إلى الله تَعَالى.
الثالث: أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ}، أَيْ: حَتَّى يَظهَرَ بَياضُ النَّهَارِ مِنْ سَوادِ اللَّيلِ، وهَذَا البَيَانُ يَحصُلُ بِطُلوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ[4].
الرابع: أَنَّ المسَائِلَ المشْكِلَةَ، والأَلفَاظَ المُشْتَبِهَةَ، يُسْأَل عَنْها أَهْلُ العِلْمِ الرَّاسِخِين.
الخامس:
السادس: أَنَّ غَايَةَ الأَكْلِ والشُّرْبِ طُلُوعُ الفَجْرِ، فَلَوْ طَلَعَ الفَجْرُ وَهُوَ يَأكُلُ ويَشْرَبُ فَنَزَعَ تَمَّ صَوْمُهُ، ولو اسْتَمَرَّ فسَدَ صَوْمُه[6].
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البخاري (1817) ومسلم (1090).
[2] هذه الرواية للطبراني في "الكبير" (17/79) رقم (175).
[3] انظر: "المفهم" (3/148-150) وذكر القرطبي أن بين نزول قوله تعالى: {مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} وقوله تعالى: {مِنَ الفَجْرِ} عامًا كاملاً.
[4] انظر: "تفسير ابن كثير" (1/222) و"فتح الباري" (4/134).
[5] "شرح النووي على مسلم" (7/201) و"فتح الباري" (4/134).
[6] انظر: "الفتح" (4/135).
في هَذِهَ النُّصُوصِ دلالَةٌ على أنَّ ما بَعْدَ الفَجْرِ مِنَ النَّهَارِ وليسَ مِنَ اللَّيل[5].
من كتاب: "المنتقى للحديث في رمضان"
قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187].
وعَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتَمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لما نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إلى عِقَالٍ أَسْوَدَ – أَيْ: حَبْلٍ أَسْوَدَ – وَإِلى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُما تَحْتَ وِسَادَتي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ في اللَّيلِ فلا يَسْتَبِينُ لي، فَغَدَوْتُ على رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فذَكَرْتُ له ذَلكَ، فقَالَ: ((إنَّما ذَلكَ سَوادُ اللَّيل وبَيَاضُ النَّهَارِ))؛ متفق عليه[1].
الفوائد والأحكام:
الأول: حِرْصُ الصَّحَابَةِ - رَضيَ الله عَنْهُم - على تَطْبِيقِ الأَوامِرِ الرَّبَّانيَّةِ، والمُبادَرَةِ للعَمَلِ بمَا يتَنَزَّلُ عَلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ القُرآنِ؛ وجَاءَ في بَعْضِ رِواياتِ الحَديثِ أنَّ عَدِيًّا - رضي الله عنه - قَالَ: يا رَسُولَ الله، قَدْ حَفِظْتُ كلَّ شيءٍ أَوْصَيْتَنِي به غَيرَ الخيْطِ الأَبْيَضِ مِنَ الخيْطِ الأَسْوَدِ، إنِّي بِتُّ البَارِحَةَ مَعِي خَيْطَانِ أَنظُرُ إلى هَذَا مَرَّةً وإلى هَذَا مَرَّةً، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقَالَ: ((إنَّما الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخيْطِ الأَسْوَدِ الَّذي في السَّمَاءِ))[2]، وبَلَغَ مِنْ حِرْصِ عَدِيٍّ - رضي الله عنه - وَعِنَايَتِهِ بِهَذَا الأَمْرِ أَنْ جَعَلَ العِقَالَينِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ[3].
الثاني: عَدَمُ تَكَلُّفِ الصَّحَابَةِ - رَضيَ اللهُ عَنْهُم - في السُّؤَالِ، إلا إذَا أَشْكَلَتْ عَلَيهِمُ المسَائِلُ الَّتي تَتَعَلَّقُ بعبَادَتِهِم؛ ولذلِكَ اجْتَهَدُوا في فَهْمِ الآيَةِ القُرْآنِيةِ، فلما أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ ذَلكَ سَألُوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهَكذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ المُسلمُ مُمْتَثِلاً للنُّصُوصِ، غَيْرَ مُتَكَلِّفٍ لِلسُّؤَالِ، وَيَسْألُ عَما أَشْكَلَ عَلَيهِ مما يَتَعلَّقُ بِالعَمَلِ الَّذي يُقرِّبُهُ إلى الله تَعَالى.
الثالث: أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ}، أَيْ: حَتَّى يَظهَرَ بَياضُ النَّهَارِ مِنْ سَوادِ اللَّيلِ، وهَذَا البَيَانُ يَحصُلُ بِطُلوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ[4].
الرابع: أَنَّ المسَائِلَ المشْكِلَةَ، والأَلفَاظَ المُشْتَبِهَةَ، يُسْأَل عَنْها أَهْلُ العِلْمِ الرَّاسِخِين.
الخامس:
السادس: أَنَّ غَايَةَ الأَكْلِ والشُّرْبِ طُلُوعُ الفَجْرِ، فَلَوْ طَلَعَ الفَجْرُ وَهُوَ يَأكُلُ ويَشْرَبُ فَنَزَعَ تَمَّ صَوْمُهُ، ولو اسْتَمَرَّ فسَدَ صَوْمُه[6].
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البخاري (1817) ومسلم (1090).
[2] هذه الرواية للطبراني في "الكبير" (17/79) رقم (175).
[3] انظر: "المفهم" (3/148-150) وذكر القرطبي أن بين نزول قوله تعالى: {مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} وقوله تعالى: {مِنَ الفَجْرِ} عامًا كاملاً.
[4] انظر: "تفسير ابن كثير" (1/222) و"فتح الباري" (4/134).
[5] "شرح النووي على مسلم" (7/201) و"فتح الباري" (4/134).
[6] انظر: "الفتح" (4/135).
في هَذِهَ النُّصُوصِ دلالَةٌ على أنَّ ما بَعْدَ الفَجْرِ مِنَ النَّهَارِ وليسَ مِنَ اللَّيل[5].