ملكة الحنان
07-15-2022, 05:55 AM
ثمرات الإيمان بتوحيد الربوبية
من أركان العقيدة.. الإيمان بوجود الله (2)
للإيمان بالله - ثمرات يجدها الإنسان في حياته، ومن أهم ثمرات الإيمان ما يلي:
أولاً: أن الله -سبحانه- ربّ كل شيء ومليكه وخالقه ومدبره والمتصرف فيه، وإذا وقر هذا في قلب المرء المؤمن؛ شعر أن الله له الأمر كله؛ فلا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا مدبر للكون إلا الله وحده، فلا تتحرك إلا بإذنه، فإن هذا يوجب تعلق قلب المؤمن بالله وحده، وسؤاله والافتقار إليه، والاعتماد عليه، فهو سبحانه خالقه ورازقه ومالكه.. فإذاً لم الخوف من المخلوق؟!.
ثانياً: يشعر المؤمن بالله -سبحانه- من أعماق قلبه أن ما دون الله هباء، فلا ترعه سطوة سلطان، ولا تخدعه ثروة غني.
وليثق أنه من المستحيل أن يغلب الله على أمره، أو أن يقطع شيء دونه، فالتعلق بغيره عجز، والتطلع إلى سواه حمق: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123].
ثالثاً: إن الإيمان بالله يربي في العبد العزة والكرامة، والراحة والطمأنينة، والشعور بالرضا؛ لأن العبد يعلم أن الله الواحد القهار هو الذي بيده الرزق.
إن بعض الناس يخيل إليه أن الإيمان بالله وفعل الطاعات أعمال إيمانية وتكاليف باهظة لا تطاق! فيختارون الذل والمهانة وعدم الطاعة، هرباً من هذه التكاليف، فيعيشون عيشة تافهة رخيصة مفزعة مقلقة يخافون من ظلهم.. بل يخافون من كل شيء.
هؤلاء الناس يؤدون تكاليف أفدح من تكاليف الكرامة والطاعة والإيمان بالله؛ إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة؛ يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون..
لقد شاهدنا كم من أناس يحنون رؤوسهم لغير الله الواحد القهار؛ لقد كان في وسعهم أن يكونوا أحراراً، ولكنهم يختارون العبودية لغير الله؛ وفي طاقتهم أن يكونوا أقوياء، ولكنهم يختارون التخاذل؛ وفي إمكانهم أن يكونوا مرهوبي الجانب، ولكنهم يختارون الجبن والمهانة.. هؤلاء يهربون من العبودية لله والعزة والكرامة له حتى لا يكلفهم الإيمان بالله التكاليف؛ فإذا هم يؤدون للذل والقلق والفزع ثمرة عدم الإيمان بالله..
إنه لا بد من ثمرة يؤديها الأفراد والجماعات، ثمرة الإيمان بالله والطاعة والراحة والطمأنينة؛ لأن المرء يشعر حينئذ أن الله خالقه ولن يخذله كما ورد في الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب ا أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي؛ فإذا امرأة من السبي تبتغي[1] إذا وجدت صبياً في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟ قلنا: لا والله! وهي تقدر أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها»[2].
وخلاصة القول: إذا لم يكن إيمان بالله؛ فإن الناس يؤدون ثمرة بعدهم عن الإيمان به؛ ومن ثم الذل والمهانة والعبودية لغيره؛ والتجارب تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها ولا فكاك.
ونضرب مثالاً واحداً على ذلك، فهذا الشاعر المهجري الكبير إيليا أبو ماضي[3] يصور لنا ما قلناه تماماً في قصيدته الموسومة بـ(الطلاسم) في ديوانه الجداول؛ حيث يقول[4]:
جئت لا أعلم من أين؟ ولكني أتيتُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيتُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وسأبقى ماشياً إن شئتُ هذا أم أبيتُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجودْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل أنا حر طليق أم أسير في قيودْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقودْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتمنى أنني أدري ولكن لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وطريقي ما طريقي! أطويل أم قصيرْ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغورْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسيرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أما كلانا واقف والدهر يجري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ليت شعري وأنا في عالم الغيب الأمينْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتراني كنت أدري أنني فيه دفينْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وبأني سوف أبدو وبأني سأكونْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتراني قبلما أصبحت إنساناً سوياً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيئاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبدياً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري... ولماذا لست أدري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولقد قلت لنفسي وأنا بين المقابرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائرْ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فأشارت فإذا للدود عيث في المحاجرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثم قالت أيها السائل إني... لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن يك الموت قصاصاً، أيُّ ذنب للطهارة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا كان ثواباً أي فضل للدعارة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا كان وما فيه جزاء أو خسارة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلم الأسماء إثم وصلاح؟.. https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن يك الموت رقاداً بعده صحوٌ طويلْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلماذا لا يبقى صحونا هذا الجميلْ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرحيل؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومتى ينكشف السر فيدري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أوراء القبور بعد الموت بعث ونشورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فحياة فخلود أم فناء فدثورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أصحيح أن بعض الناس يدري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن أكن أبعث بعد الموت جثماناً وعقلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أترى أبعث بعضاً أم ترى أبعث كلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أترى أبعث طفلاً أم ترى أبعث كهلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثم هل أعرف بعد الموت ذاتي؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يا صديقي لا تعللني بتمزيق الستور https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بعد ما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف أدري بعدما أفقد رشدي.. https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إنه لا يدري إلى أين المصير ومصير الإنسان يهمه ويعنيه، ويريد أن يطمئن على ذلك المصير، وهنا نرى لوعة الشاعر وأساه؛ لأنه لا يدري إلى أين المصير، وماذا سيصير؟ إنه الضلال، الضلال عن الحقيقة، إنه الشقاء: شقاء القلب المثقل، الذي أتعبه المسير؛ وكم في الحياة من أمثال هذا الشاعر البائس...
وبعض الناس يستطيع أن يفصح عن شقوته، وحيرته، وبعضهم يحس ويعاني وتبقى أفكاره حبيسة نفسه الشقية.
«لست أدري» تلك هي الإجابة عن التساؤلات الخالدة، وليست هي قولة شاعر فحسب «فسقراط» الفيلسوف الذي يعدّ من عمالقة الفلاسفة يقول بصريح العبارة: «الشيء الذي لا أزال أجهله جيداً أنني لست أدري».
بالإسلام وحده يصبح الإنسان يدري؛ يدري من أين جاء، والى أين المصير، يدري لماذا هو موجود، وما دوره في الوجود، يدري ذلك حقاً وصدقاً وعدلاً، وفرق بين من يدري ومن لا يدري: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22][5].
إن حالة من لا يؤمن بالله ولا يجد أثر الإيمان هي حالة الشقي المنكود الضال عن طريق الله، المحروم من هداه، الذي يصطدم بنواميس هذا الكون، فهذا الذي لا يؤمن بالله دائماً في تعثر، ودائماً في عناء ودائماً في ضلال.
رابعاً: أن الإنسان بلا إيمان ولا دين سيجد نفسه في النهاية أنه لا يملك شيئاً يحيى من أجله؛ فالإيمان بالله وثمراته تحي الروح، وتصنع الهدف، وتوقظ الهمة، وتكثر البركة...
والإنسان المتدين سعيدٌ في حياته لأنه يحس ثمرة إيمانه بالله وصدق الله العظيم القائل ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، فمن ثمرات الإيمان الحياة الطيبة في هذه الأرض.
لا يهم أن تكون ناعمة رغيدة ثرية بالمال؛ فقد تكون به، وقد لا يكون معها. وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية: فيها الاتصال بالله والثقة به والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه. وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة، وفيها الفرح بالإيمان وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة.. فيها آثار الإيمان حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله. فالإيمان بالله يجعل الخير أصيلاً ثابتاً يستند إلى أصل كبير لا عارضاً مزعزعاً يميل مع الشهوات والأهواء حيث تميل.. ولو لم يكن للإيمان من ثمرات إلا هذه لكفى...
من أركان العقيدة.. الإيمان بوجود الله (2)
للإيمان بالله - ثمرات يجدها الإنسان في حياته، ومن أهم ثمرات الإيمان ما يلي:
أولاً: أن الله -سبحانه- ربّ كل شيء ومليكه وخالقه ومدبره والمتصرف فيه، وإذا وقر هذا في قلب المرء المؤمن؛ شعر أن الله له الأمر كله؛ فلا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا مدبر للكون إلا الله وحده، فلا تتحرك إلا بإذنه، فإن هذا يوجب تعلق قلب المؤمن بالله وحده، وسؤاله والافتقار إليه، والاعتماد عليه، فهو سبحانه خالقه ورازقه ومالكه.. فإذاً لم الخوف من المخلوق؟!.
ثانياً: يشعر المؤمن بالله -سبحانه- من أعماق قلبه أن ما دون الله هباء، فلا ترعه سطوة سلطان، ولا تخدعه ثروة غني.
وليثق أنه من المستحيل أن يغلب الله على أمره، أو أن يقطع شيء دونه، فالتعلق بغيره عجز، والتطلع إلى سواه حمق: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123].
ثالثاً: إن الإيمان بالله يربي في العبد العزة والكرامة، والراحة والطمأنينة، والشعور بالرضا؛ لأن العبد يعلم أن الله الواحد القهار هو الذي بيده الرزق.
إن بعض الناس يخيل إليه أن الإيمان بالله وفعل الطاعات أعمال إيمانية وتكاليف باهظة لا تطاق! فيختارون الذل والمهانة وعدم الطاعة، هرباً من هذه التكاليف، فيعيشون عيشة تافهة رخيصة مفزعة مقلقة يخافون من ظلهم.. بل يخافون من كل شيء.
هؤلاء الناس يؤدون تكاليف أفدح من تكاليف الكرامة والطاعة والإيمان بالله؛ إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة؛ يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون..
لقد شاهدنا كم من أناس يحنون رؤوسهم لغير الله الواحد القهار؛ لقد كان في وسعهم أن يكونوا أحراراً، ولكنهم يختارون العبودية لغير الله؛ وفي طاقتهم أن يكونوا أقوياء، ولكنهم يختارون التخاذل؛ وفي إمكانهم أن يكونوا مرهوبي الجانب، ولكنهم يختارون الجبن والمهانة.. هؤلاء يهربون من العبودية لله والعزة والكرامة له حتى لا يكلفهم الإيمان بالله التكاليف؛ فإذا هم يؤدون للذل والقلق والفزع ثمرة عدم الإيمان بالله..
إنه لا بد من ثمرة يؤديها الأفراد والجماعات، ثمرة الإيمان بالله والطاعة والراحة والطمأنينة؛ لأن المرء يشعر حينئذ أن الله خالقه ولن يخذله كما ورد في الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب ا أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي؛ فإذا امرأة من السبي تبتغي[1] إذا وجدت صبياً في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟ قلنا: لا والله! وهي تقدر أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها»[2].
وخلاصة القول: إذا لم يكن إيمان بالله؛ فإن الناس يؤدون ثمرة بعدهم عن الإيمان به؛ ومن ثم الذل والمهانة والعبودية لغيره؛ والتجارب تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها ولا فكاك.
ونضرب مثالاً واحداً على ذلك، فهذا الشاعر المهجري الكبير إيليا أبو ماضي[3] يصور لنا ما قلناه تماماً في قصيدته الموسومة بـ(الطلاسم) في ديوانه الجداول؛ حيث يقول[4]:
جئت لا أعلم من أين؟ ولكني أتيتُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيتُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وسأبقى ماشياً إن شئتُ هذا أم أبيتُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجودْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل أنا حر طليق أم أسير في قيودْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقودْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتمنى أنني أدري ولكن لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وطريقي ما طريقي! أطويل أم قصيرْ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغورْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسيرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أما كلانا واقف والدهر يجري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ليت شعري وأنا في عالم الغيب الأمينْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتراني كنت أدري أنني فيه دفينْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وبأني سوف أبدو وبأني سأكونْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتراني قبلما أصبحت إنساناً سوياً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيئاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبدياً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري... ولماذا لست أدري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولقد قلت لنفسي وأنا بين المقابرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائرْ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فأشارت فإذا للدود عيث في المحاجرْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثم قالت أيها السائل إني... لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن يك الموت قصاصاً، أيُّ ذنب للطهارة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا كان ثواباً أي فضل للدعارة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا كان وما فيه جزاء أو خسارة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلم الأسماء إثم وصلاح؟.. https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن يك الموت رقاداً بعده صحوٌ طويلْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلماذا لا يبقى صحونا هذا الجميلْ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرحيل؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومتى ينكشف السر فيدري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أوراء القبور بعد الموت بعث ونشورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فحياة فخلود أم فناء فدثورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أصحيح أن بعض الناس يدري؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن أكن أبعث بعد الموت جثماناً وعقلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أترى أبعث بعضاً أم ترى أبعث كلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أترى أبعث طفلاً أم ترى أبعث كهلاً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ثم هل أعرف بعد الموت ذاتي؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يا صديقي لا تعللني بتمزيق الستور https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بعد ما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كيف أدري بعدما أفقد رشدي.. https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لست أدري! https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إنه لا يدري إلى أين المصير ومصير الإنسان يهمه ويعنيه، ويريد أن يطمئن على ذلك المصير، وهنا نرى لوعة الشاعر وأساه؛ لأنه لا يدري إلى أين المصير، وماذا سيصير؟ إنه الضلال، الضلال عن الحقيقة، إنه الشقاء: شقاء القلب المثقل، الذي أتعبه المسير؛ وكم في الحياة من أمثال هذا الشاعر البائس...
وبعض الناس يستطيع أن يفصح عن شقوته، وحيرته، وبعضهم يحس ويعاني وتبقى أفكاره حبيسة نفسه الشقية.
«لست أدري» تلك هي الإجابة عن التساؤلات الخالدة، وليست هي قولة شاعر فحسب «فسقراط» الفيلسوف الذي يعدّ من عمالقة الفلاسفة يقول بصريح العبارة: «الشيء الذي لا أزال أجهله جيداً أنني لست أدري».
بالإسلام وحده يصبح الإنسان يدري؛ يدري من أين جاء، والى أين المصير، يدري لماذا هو موجود، وما دوره في الوجود، يدري ذلك حقاً وصدقاً وعدلاً، وفرق بين من يدري ومن لا يدري: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22][5].
إن حالة من لا يؤمن بالله ولا يجد أثر الإيمان هي حالة الشقي المنكود الضال عن طريق الله، المحروم من هداه، الذي يصطدم بنواميس هذا الكون، فهذا الذي لا يؤمن بالله دائماً في تعثر، ودائماً في عناء ودائماً في ضلال.
رابعاً: أن الإنسان بلا إيمان ولا دين سيجد نفسه في النهاية أنه لا يملك شيئاً يحيى من أجله؛ فالإيمان بالله وثمراته تحي الروح، وتصنع الهدف، وتوقظ الهمة، وتكثر البركة...
والإنسان المتدين سعيدٌ في حياته لأنه يحس ثمرة إيمانه بالله وصدق الله العظيم القائل ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، فمن ثمرات الإيمان الحياة الطيبة في هذه الأرض.
لا يهم أن تكون ناعمة رغيدة ثرية بالمال؛ فقد تكون به، وقد لا يكون معها. وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية: فيها الاتصال بالله والثقة به والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه. وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة، وفيها الفرح بالإيمان وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة.. فيها آثار الإيمان حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله. فالإيمان بالله يجعل الخير أصيلاً ثابتاً يستند إلى أصل كبير لا عارضاً مزعزعاً يميل مع الشهوات والأهواء حيث تميل.. ولو لم يكن للإيمان من ثمرات إلا هذه لكفى...