تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصحابة الذين سبقونا بالإيمان


شيخة الزين
10-31-2022, 10:42 AM
أيها المسلمون، لما اختار الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، فجعله خير الناس قاطبةً، اختار له أصحابًا كانوا هم خير الأجيال على الإطلاق، آمنوا به وصدقوا بما جاء به وبايعوه، وهاجروا إليه وجاهدوا معه، وآوَوه ونصروه، وأخذوا عنه الدين ونقلوا الشريعة غضةً طريةً كما جاءت، وبلغوا ما حملوا لمن بعدهم كما أُنزل، وأمر من بعدهم باتباعهم والسير على نهجهم، إنهم الصحابة، قوم زكاهم الله في كتابه، وزكاهم رسوله صلى الله عليه وسلم، وأخبر أنه لن يأتي بعدهم أحد مثلهم؛ قال سبحانه: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، وقال جل وعلا: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117]، وقال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 8، 9]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه))؛ [متفق عليه]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ))؛ [الحديث، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني].

أجل أيها المسلمون، لقد خلق الله الصحابة واصطفاهم ليكونوا أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وخصهم برؤيته والتعامل معه ومصاحبته، نعم، رأوه صلى الله عليه وسلم بأعينهم واجتمعوا به وعايشوه، وصلوا خلفه واستمعوا لحديثه، وفقهوا أمره ونهيه، وصاحبوه وسبروا حياته وتشبعوا بهديه، وسافروا معه وجاهدوا تحت لوائه، وشاهدوا نزول القرآن عليه وتنزل المعجزات الحسية في الحوادث المختلفة والمواقف المتعددة، ومع هذا بشَّر صلى الله عليه وسلم كثيرًا منهم بالجنة، وبشَّر مَن بشَّر منهم بميزانه عند ربه وما أعده له في الآخرة عنده، فكان الواحد منهم يمشي على الأرض وهو يعلم علم يقين أنه من أهل الجنة، لقد كانوا بحق أرقى جيل في الوجود، تربَّوا على عينه صلى الله عليه وسلم، واقتدَوا به، ونهلوا من معينه، وتخلقوا بأخلاقه، واستنوا بسنته، وساروا على هديه، ونقلوا عنه كل ما جاء به.

أيها المسلمون، ليس فضل الصحابة رضي الله عنهم لأنهم عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم وعاشوا في زمانه فحسب، فقد عاصره أبو جهل وأبو لهب والوليد بن المغيرة وعقبة بن أبي معيط وغيرهم ممن رآه فلم يؤمن به، وإنما كان فضل الصحابة رضي الله عنهم لأنهم آمنوا بالله حين كفر مَن كفر، واتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم حين فَرَّ عنه مَن فرَّ، والتزموا بالدين التزامًا دقيقًا، وأحبوا الشرع حبًّا صادقًا، لم يكونوا رضي الله عنهم ملائكةً ولا خلقًا آخر، بل لقد كانوا بشرًا من البشر، ولم يكونوا معصومين من الخطأ، بل كانت لهم نوازع إنسانية كما لغيرهم، ولكنهم آمنوا وصدقوا بيقين، وصبروا وثبتوا واستقاموا، وجاهدوا في الله حق جهاده وبذلوا، وأعطوا وضحوا وتابوا وأنابوا، وكانوا أبر الناس قلوبًا وأزكاهم نفوسًا، وأصدقهم ألسنًا وأبركهم علمًا وعملًا؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه، فما رآه المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئًا فهو عند الله سيئ"؛ [رواه ابن عبدالبر بسند حسن].

ألَا فلنتقِ الله عباد الله، ولنقتدِ بخير الخلق وخيرة الأجيال، ولنحبهم ولنوقرهم ولنعظمهم، فإن من أصول أهل السنة والجماعة، سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله، وتوسطهم فيهم، بين الروافض الذين بالغوا في إنزال علي رضي الله عنه وأهل البيت منزلةً لم يجعلها الله ولا رسوله لهم، ونصبوا العداوة لجمهور الصحابة كالثلاثة الخلفاء وكفَّروهم ومن والاهم، وكفَّروا من قاتل عليًّا، ورموا عائشة الطاهرة بما برأها الله منه من فوق سماواته، وبين الخوارج الذين قابلوا هؤلاء فكفروا عليًّا ومعاوية ومن معهما من الصحابة، وبين النواصب الذين نصبوا العداوة لأهل البيت وطعنوا فيهم، نعم - أيها الإخوة - إن أهل السنة قد هداهم الله للحق وكانوا وسطًا، فلم يغلوا ولم يجفوا ولم يكفروا، بل هم معترفون بحق جميع الآل والصحب وفضلهم، يدعون لهم ويوالونهم ويحبونهم، ويكفون عن الخوض فيما جرى بينهم، حالهم كما وصفهم الله؛ حيث قال: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، اللهم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، وأقول هذا القول وأستغفر الله فاستغفروه.

ملكة الحنان
10-31-2022, 06:45 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك
على الطرح القيم وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران وجعلك ممن يظلهم اللَّه
في يوم لا ظل إلاظله وعمر الله قلبك بالايمان
على طرحك المحمل بنفحات إيمانية ولا حرمك الاجر

شيخة الزين
11-13-2022, 04:36 PM
ملكة الحنان
يتراقص مُتَصَفِحِي فرحا بَمَرُوَرَكُ.. الشَجِيْ..
وَأَحْرُفُك.. كَالْنَّدَى بَيْن أَوْرَاقِي..
شُكراً لتَوَاجُدِكُ.. الَرَاقِي .
شيخة الزين

شملان
11-16-2022, 02:21 PM
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
ماننحرم من جديدك
تحياتي لك

شيخة الزين
04-14-2023, 10:24 AM
شملان
يتراقص مُتَصَفِحِي فرحا بَمَرُوَرَكُ.. الشَجِيْ..
وَأَحْرُفُك.. كَالْنَّدَى بَيْن أَوْرَاقِي..
شُكراً لتَوَاجُدِكُ.. الَرَاقِي .
شيخة الزين