![]() |
تفسير قوله تعالى : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا
قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14]. قوله: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ أي: إذا قابلوا الذين آمنوا أو كانوا معهم، ﴿ قَالُوا ﴾؛ أي: قالوا للمؤمنين: ﴿ آمَنَّا ﴾ بألسنتهم، وأظهَروا ذلك لهم نفاقًا ومصانعة دون اعتقاد ذلك بقلوبهم. ﴿ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ﴾ ضُمن الفعل ﴿ خَلَوْا ﴾ معنى (رجعوا) أو (انصرفوا) ولهذا عدِّي بـ"إلى"، ولو لم يضمَّن لقيل: مع شياطينهم، والمعنى: وإذا رجعوا أو انصرفوا إلى شياطينهم خالين بهم، ليس معهم أحد من المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ﴾ [آل عمران: 119]. والشياطين: جمع شيطان، مشتق من (شَطَن) بمعنى بعُد عن رحمة الله تعالى، وعن كل خير وهو: كل متمرِّد عاتٍ خارج عن طاعة الله تعالى، من الإنس والجن والحيوان، قال تعالى: ﴿ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ [الأنعام: 112]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكلب الأسود شيطان))[1]. والمراد بشياطينهم كبراؤهم ورؤساؤهم في الكفر من المنافقين واليهود والمشركين. ﴿ قَالُوا ﴾؛ أي: قالوا لشياطينهم: ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾؛ أي: إنَّا على دينكم، ثابتون على ما أنتم عليه من الاعتقاد، أعوانٌ لكم على من خالَفكم. وقد خاطبوا المؤمنين بقولهم: ﴿ آمَنَّا ﴾ بالجملة الفعلية بلا تأكيد؛ إما لعلمِهم أن ذلك لا يروج على المؤمنين، وإما لعدم اهتمامهم بهم، وخاطَبوا قومهم بقولهم: ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ بالجملة الاسمية المؤكَّدة بأنَّ الدالةِ على الثبوت؛ تأكيدًا لقومهم، وكان الأولى العكس؛ أي التأكيد للمؤمنين؛ لأنهم هم الذين يشكُّون في إيمانهم، أما قومهم فلا داعي لتأكيد الكلام لهم؛ لعلمهم بهم. ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ تقرير وتأكيد لقولهم: ﴿ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾، قرأ أبو جعفر: "مستهزون" بالتخفيف بلا همز، وقرأ الباقون بالهمز: ﴿ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾. و"إنما": أداة حصر؛ أي: ما نحن إلا مستهزئون. والاستهزاء: السُّخرية، يقال: هزأ، واستهزأ، فالسين والتاء للتأكيد؛ أي: إنما نحن ساخرون بالمؤمنين مخادعون لهم، بقولنا: ﴿ آمَنَّا ﴾، فهم يَلْقَوْنَ المؤمنين بوجه ويَلْقَوْنَ الكافرين بوجه آخر ذلًّا منهم وخوفًا وجبنًا؛ ليَسلَموا من ملامة هؤلاء وهؤلاء، ولو عاشوا أذلَّ العيش كما قال تعالى: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النساء: 143] وقال تعالى: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ [المائدة: 52]. [1] أخرجه مسلم في الصلاة - قدر ما يستر المصلي (510)، وأبو داود في الصلاة (702) والنسائي في القبلة (750)، والترمذي في الصلاة (338)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (952) من حديث أبي ذر رضي الله عنه. الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم. |
بــــــــــــــــــــــــارك الله فيك في موازين حسناتك نفع لك في الفردوس الأعلى
|
|
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتكـ لاعدمنا جديدك |
جزاك الله خير الجزاء على هذا الطرح
|
جزاك الله خير على الطرح القيم
وجعله الله بميزان حسناتك ورزقك الله الفردوس الأعلى من الجنه الله لايحرمنا من جديدك |
الساعة الآن 10:15 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.