جئت لا أعلم من أين؟ ولكني أتيتُ
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيتُ
وسأبقى ماشياً إن شئتُ هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!

أجديد أم قديم أنا في هذا الوجودْ
هل أنا حر طليق أم أسير في قيودْ
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقودْ
أتمنى أنني أدري ولكن لست أدري!
وطريقي ما طريقي! أطويل أم قصيرْ؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغورْ
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسيرْ
أما كلانا واقف والدهر يجري؟
لست أدري!

ليت شعري وأنا في عالم الغيب الأمينْ
أتراني كنت أدري أنني فيه دفينْ
وبأني سوف أبدو وبأني سأكونْ
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟
لست أدري!

أتراني قبلما أصبحت إنساناً سوياً
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيئاً
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبدياً
لست أدري... ولماذا لست أدري؟
لست أدري!

ولقد قلت لنفسي وأنا بين المقابرْ
هل رأيت الأمن والراحة إلا في الحفائرْ؟
فأشارت فإذا للدود عيث في المحاجرْ
ثم قالت أيها السائل إني... لست أدري!
إن يك الموت قصاصاً، أيُّ ذنب للطهارة
وإذا كان ثواباً أي فضل للدعارة
وإذا كان وما فيه جزاء أو خسارة
فلم الأسماء إثم وصلاح؟..
لست أدري!

إن يك الموت رقاداً بعده صحوٌ طويلْ
فلماذا لا يبقى صحونا هذا الجميلْ؟
ولماذا المرء لا يدري متى وقت الرحيل؟
ومتى ينكشف السر فيدري؟
لست أدري!

أوراء القبور بعد الموت بعث ونشورُ
فحياة فخلود أم فناء فدثورُ
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زورُ
أصحيح أن بعض الناس يدري؟
لست أدري!

إن أكن أبعث بعد الموت جثماناً وعقلاً
أترى أبعث بعضاً أم ترى أبعث كلاً
أترى أبعث طفلاً أم ترى أبعث كهلاً
ثم هل أعرف بعد الموت ذاتي؟
لست أدري!

يا صديقي لا تعللني بتمزيق الستور
بعد ما أقضي فعقلي لا يبالي بالقشور
إن أكن في حالة الإدراك لا أدري مصيري
كيف أدري بعدما أفقد رشدي..
لست أدري!
